النظام الحيوانى الجديد
النظام الحيوانى الجديد!
ظرف المكان الغابة... وظرف الزمان عصر الفيل... فى مزرعة السيادة الحيوانية اعتّل الأسد بوعكة طارئة فاعتلى الفيل منصّة من القش ورفع زلومه فى شموخ وأعلن حالة الطوارئ... وقام بحل المملكة الحيوانية واحلالها بالجمهورية الحيوانية المتحدّة!المراسيم تعلن أنّ الأسد لم يعد ملك الغابة، فقد أزيح مع المملكة... وصار رئيس الجمهورية الحيوانية الفيل... ونائبه الضبع... وتشكّلت الوزارة وأهم أركانها: وزير الدفاع الدب ووزير الداخلية الكلب ووزير الإعلام الضفدعة ووزير التنمية العمرانية هى السلحفاة... وزير الخارجية الثعلب... والقرد وزيرا للتموين... والصحة للخنزير ... والاقتصاد أسند للتمساح... والمالية لسمك القرش... أمّا وزير النقل فهو الحمار! فى ظل الجمهورية الحيوانية صار الأسد محكوما، فرضى بالأقدار بل رضى أن تأتيه التهديدات من الفيل محمولة على جناحى صقر... لم يملك الفهد إلا أن يكون طائعا... أمّا النمر فعرف كيف يتجاوب مع الظروف الجديدة فدخل مع زمرة المطبّعين وقد سمعه القط فى لحظة دعاء غير مستجاب يدعو ربه: اللهم أحينى مطبّعا وأعشنى مطبّعا وأمتنى مطبّعا واحشرنى فى زمرة المطبّعين! أحكم النظام الحيوانى الجديد قبضته فلم يعد للحيوانات مهرب من أن تساق كالبقر فى الاتجاه الفيلى... وإلا داس عليهم بأرجله التى تفوق قوة الحصان الميكانيكى... يدوس عليهم بلا فرق بينهم وبين الحشائش... لم يعد هناك فرق بين بقرة وثور فقد انتهى العهد (الثورى)!... والديمقراطية الوحيدة صارت ديمقراطية الذبح .. مثلما تفعل الشاه... لا تملك إلا اختيار الاتجاه الذى تضع رقبتها عليه لاستقبال سكين الذبح! طريقة الوقاية الوحيدة للحيوان التى يحمى بها نفسه من أن ينتقل تعبيره بالتوصيل أو الحمل أو الإشعاع هى أن يبنى كل حيوان حول نفسه سلكا شائكا يحمى به نفسه مع ترك بوابة واحدة هى البوابة التى تدخل بها أوامر الفيل ونائبه الضبع!...عاشت جموع الحيوانات فى حذر مستمر... الحيوانات تخشى دبيب النمل وتلّون الحرباء والاستخبارات التى يديرها الببغاء وتعاونه العقرب والكوبرا...كل يحذر لدغة العقرب... وسم الثعبان... وكل يخشى على روحه من أن يكون مصيره الدفن على يد حانوتى الغابة الغراب الذى يبحث فى الأرض ليريهم كيف يوارون سوآتهم ! وأصبح نفاق الفيل سيد الموقف... الزرافة تتصنّع (الظرافة) فترفع فوق رقبتها شعارات تأييد الفيل الذى يمثل عهده نهاية التاريخ الحيوانى حتى الانتقال إلى الدار الآخرة التى هى الحيوان!... والغزال يهرول من أجل التطبيع مع أصدقاء الفيل... والحمير الوحشية تسعى لإزالة خطوطها حتى تشبه وزير النقل... بل صارت موضة زواج الخيول من الحمير تيارا جارفا علّ الحصين يخرج من أصلابها أو أرحامها بغال هى أقرب للحمير! كل حيوان كان يحسد الأرنب فى قابليته للوداعة... فهو يتفوق على الحمل فى وداعته يبحث عن السلام ولو فى حفر تحت أرض الغابة... ولذلك فهو أقرب للفيل وحكومته ... وكانت الحكومة كلما تنزل منشورا مكتوبا على أوراق الشجر فيه أمر أو نهى تلفت نظر الحيوانات لنموذج الأرنب فى الديمقراطية فيمنحه الأنواط والأوسمة و(القروض)... حتى صار الأرنب من (القوارض)!... هذه غير الألقاب الكريمة فهو تارة الحيوان الصالح وتارة أخرى ابن الغابة البار! وأغرقت الحيوانات المنافقة الفيل ووزراءه بالهدايا السمينة كطيور الزينة وأسماك الزينة والورود الشوكية وجلد النمر وفروة الأسد... لكنهم يحذرون من تقديم لبن الحمار أو جلد التمساح أو سن الفيل! آمنت الحيوانات بأقدارها... أمامها خيارات ثلاثة: التطبيع أو التطبّع... أو الطبيعة والتمسّك بطبائعها... والخيار الثالث أخذت به النعامة فمرضت بالاكتئاب النفسى فصارت تدفن رأسها فى الرمال... انتشرت أمراض جنون البقر وانفلونزا الطيور وحمّى القرود والسعال الديكى!... وحيد القرن عاش وحيدا... والتنفيس الحيوانى لا يأتى للحيوانات إلا شعرا عن طريق طائر الليل الحزين!تغيّرت جينات وطبيعة الشعوب الحيوانية فظهر جيل ثان من الحيوانات... ميكى ماوس وتوم آند جيرى... وأرنوب ودبدوب وثعلوب وبطّوط ونمّور ... وبلوتو ... وصار رمز الجمهورية الجديد هو كنج كونج والنشيد الحيوانى الوطنى: خواطر فيل ! شهدت الحيوانات جميعها بأنّ أفشل وزارة فى الجمهورية الحيوانية كانت وزارة الصحة التى يديرها الخنزير... فلم تقدّم وصفات علاجية ناجعة لأمراض الحيوانات الشعبية... كما لم تفلح وزارة الخنزير فى علاج أهم الأمراض الرئاسية: داء الفيل!! هذه الكتابة فيها حيونة للقضايا العامة وهى طريقة لها ما لها وعليها ما عليها:
1 - الكتابة مختلفة عن الحيوان للجاحظ وكليلة ودمنة لابن المقفع وبيدبا ومزرعة الحيوانات لجورج أوريل 2 - النظام الملكى أفضل للحيوانات من النظام الجمهورى
3 - المتاعب التى واجهها الفيل فى الحكم كان من الممكن تخفيف آثارها لو عيّن الأسد مستشارا لشؤون الغابة
4 - الحيوانات مثال للكائنات الحيّة التى تستحق الحرية لكنها تخفق فى ممارسة الديمقراطية
5 - هذه الكتابة لا تكتمل إلا بإرسال مبعوث أممى لحقوق الحيوان إلى الجمهورية الحيوانية المتحدة!
جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الخرطوم الجديدة © 2004-2005م - هذة المادة غير قابلة لإعادة النشر والتوزيع والصياغة
<< Home