Thursday, May 25, 2006

دولة الملفات الطائرة

دولة الملفات الطائرة
ALHINDI IZIDIN
خلال زيارة رسمية لإحدى العواصم العربية، وداخل الصالون الرئاسي، إنفرد (الزعيم) العربي بالشهيد اللواء «الزبير محمد صالح» نائب رئيس مجلس قيادة ثورة «الإنقاذ» وهمس في أذنه : (لماذا لا تطيحون بالترابي؟!) أو هكذا كان حديث التحريض، الذي أعقبته مطالبة (واضحة) بضرورة إقصاء الشيخ «الترابي» عن دائرة (قيادة) الفعل السياسي للنظام الوليد ..!! الدعوة الخبيثة كررها أكثر من زعيم عربي في أكثر من عاصمة عربية، وإستمع إليها قادة (الإنقاذ) العسكريون بأدب، غير أنهم كانوا يسخرون منها في قرارة أنفسهم، وهم يمارسون (التقيَّة) في زمن الحصار الشامل ..!!
نعم.. عاد الشهيد «الزبير» إلى الخرطوم وحكى قصة الطلب (المضحك) - وقتها - للرئيس البشير وللشيخ «الترابي» - نفسه - الذي ضحك حتى بانت نواجزه !!.. لماذا إذن كانوا وما زالوا يطالبون بإقصاء «الترابي»، ويشعرون بالأمان كلما قيّدته الزنازين وقرارات الإقامة الجبرية ؟!.... *
حال الحكومة هذه الأيام، يكشف لنا الأسباب الحقيقية وراء (حالة الهلع) والخوف التي كانت تعيشها تلك الأنظمة والحكومات من «القاهرة» و«طرابلس»، و«أبو ظبي» و«أسمرا»، وإلى «واشنطن» بسبب وجود «الترابي» على منصة (الحكم السياسي) في السودان طوال عقد التسعينات من القرن المنصرم. * الملفات (السودانية) أضحت - هذه الأيام - تسابق طائرات «سودانير» في السفر إلى العواصم القريبة والبعيدة في رحلات دائرية ومستمرة !!...*
ملفات السياسة السودانية صارت تشبه خارطة خطوط الطيران، فهناك خط (الخرطوم - القاهرة - الخرطوم) وهو خط مفاوضات الحكومة والتجمع التي لم تنته بعد
وهناك خط (الخرطوم - أسمرا - طرابلس) وهو خاص بمفاوضات شرق السودان التي لم تبدأ بعد بسبب تكالب الوسيطان الليبي والأريتري على مقعد (قيادة الوساطة)
أيضاً هناك خط (الخرطوم - إنجمينا - أبوجا) وهو معني بحوار الطرشان بين الحكومة ومتمردي دارفور
أما خط «الخرطوم - نيروبي» فقد توقفت رحلاته - مؤقتاً - بتوقيع إتفاق السلام الشامل، لكن تواتر علاقة الشريكين تشير إلى إمكانية تنشيط عمل الخط الذي يسلكه الجنرال «سيمبويو» وسيط السلام الأشهر!!
وهناك خط فرعي بين (الخرطوم وطرابلس) تم تنشيطه - بالأمس فقط - بإسم الوساطة الليبية لتسوية الخلاف السوداني - التشادي !!
وخطوط قصيرة كانت تربط الفاشر بأبشي التشادية، والجنينة، بإنجمينا حيث مفاوضات «الشريف بدر» و«حسن برقو» مع فصيل (تشادي) إسمه (الإصلاح والتنمية) والهدف كان (سودنة) الفصيل ثم الإتفاق معه على وقف إطلاق النار!! الفصيل المذكور تبنَّى قبل أيام عملية قصف الجيش (التشادي) للأراضي السودانية !! ولا عزاء لمولانا «الشريف ود بدر» والأستاذ «حسن برقو» (شقيقه يعمل مستشاراً صحفياً بمكتب الرئيس إدريس دِبِّي)
هناك خط آخر ما بين «كمبالا» و«جوبا» بحثاً عن قائد جيش الرب
ولابد أن هناك خطوط أخرى - لا نعلمها - تسلكها المخابرات الأمريكية والفرنسية، والليبية، والأريترية والمصرية، والأوغندية، والتشادية، والنيجيرية بحثاً عن دور (فاعل) في تحريك وإدارة الملفات السودانية تحت لافتة الوساطات النبيلة
والشيخ «الترابي» ليس نبياً، ولا ساحراً، ولا تتلبَّسه (روح القدس) !! ولا يدِّعي أحدٌ عاقل أن الترابي بلا اخطاء أو هفوات، أو أنه غير قابل للحساب والعتاب، غير أنه كان - وما زال - يتميز بشيء واحد يحتاجه السودان - جداً - هذه الأيام والشيء هو أن كل هؤلاء (الوسطاء المزِّيفون) يهابونه ويرتجفون عند مجالسته، وبالتالي، لا يستطيعون خداعه !!
وكل هؤلاء يمارسون - الآن - الخديعة مع حكومتنا الرشيدة، وحكومتنا تستجيب