فتاوي « الترابي» الإعتذارية- 2
(فتاوي « الترابي» الإعتذارية «2»
الهندي عز الدين عمر
ينبري « دائماً» بعض الموالين للدكتور الترابي للدفاع عنه « بالحق او بالباطل» عند إطلاقه لفتاوي وآراء غريبة على دين الإسلام ، غير انهم لا يُحاجون الناس بالأدلة من الكتاب والسنة وإتفاق السلف الصالح وإجماع الأئمة القدامى والمحدثين ، ويكتفون فقط بالرد المكرور والماسخ الذي يستهزىُ بعقول الناس « كل الناس بمن فيهم الصفوة والعلماء» وهو ان الشيخ « الترابي» يتحدث بلغة ومفردات لا يفهمها العامة ، وانها تستشكل على الناس ، ولذا فأنهم يعتقدون « علي الحاج مثلاً والمحبوب عبد السلام وغيرهم » ان المشكل لا يكمن إلا في اللغة الترابية العصية ، والتفاسير الرفيعة لا قبل « للعوام» بها ..!
لكن الشيخ « الترابي» لم يتحدث هذه المرة بالهيروغليفية عندما أفتى مجوزاً : إمامة المرأة في الصلاة معتمداً على حديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» لـ«أم ورقة» ومجوزاً زواج المسلمة من اهل الكتاب ، ثم مبيحاً لكشف شعر المرأة بإعتبار ان تفسير الآية :« وليضربن بخمرهن على جيوبهن» لا يعني حجب الشعر ، وإنما« الجيوب» فقط وهي الصدور !!!
نحاول ان نناقش في هذه الحلقة فتوى الدكتور الترابي بزواج المسلمة من الكتابي « اي اليهودي والمسيحي» يقول الترابي في حديثه لصحيفة « الإهرام» المصرية الآتي:( الآية الصريحة في القرآن تحرم زواج المسلمة من المشرك ، وليس ممن ينتمي الى أهل الكتاب مسيحياً او يهودياً وذلك في سورة البقرة :«ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم..» ويضيف « الترابي» ان الله تعالى لا يسمى في القرآن أهل الكتاب « مشركين» وإنما قد يشير في بعض المواقع الى إشراك في عقائدهم ، وقد يشرك الآن من ينتمي الى المسلمين حيث يكفر ببعض الكتاب لكننا لا نسميه كافراً... إنتهى حديث الترابي.
ونقول للشيخ العالم : إن الله تعالى لم يحرم زواج المسلمة من « المشرك» كما في الآية أعلاه ولكنه حرم كذلك في وصف آخر زواج المسلمة من « الكافر» وهو الكافر برسالة النبي الخاتم محمد «صلى الله عليه وسلم» يقول جل وعلا :« فلا ترجعوهن الى الكفار لا هُنّ حِلّ لهم ، ولا هم يحلون لهنّ» وقد ذهب المفسرون لكتاب الله ومنهم « الشوكاني» في تفسير فتح « التقدير» الى ان المسلمة لا تحل لكافر ، وان إسلام المرأة يوجب فرقتها عن زوجها ، والتكرير لتأكيد الحرمة ، الأول لبيان زوال النكاح ، والثاني لإمتناع النكاح الجديد ، وهذا يعني بلغة واضحة يفهمها الجميع انه حتى اذا أسلمت المرأة بعد سنوات من زواجها من «كافر» يكون النكاح باطلاً.
ولهذا فأن الرسول«صلى الله عليه وسلم» لم يرد ابنته « زينب» الى زوجها العاص بن الربيع وقد كان مشركاً بالله ، وكافراً برسالة « محمد» إلا بعد ست سنوات كاملة عندما دخل «العاص» الإسلام مؤمناً بالله وبمحمد رسوله «صلى الله عليه وسلم».إذن الآية :« فلا ترجعوهن الى الكفار..» حرّمت زواج « المسلمة» من «الكافر» حتى ولو كان الزواج سابقاً لاسلام المرأة ولكن دعونا نبحث في كتاب الله « القرآن» هل أهل الكتاب من زمرة « الكفار» ... ام لا ..؟
يقول الله تعالى في الآية « 19» من سورة آل عمران :« ان الدين عند الله الاسلام وما إختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فأن الله سريع الحساب» . والآية نزلت في اليهود والنصارى « أهل الكتاب» بعدما اختلفوا على رسالة«محمد» «صلى الله عليه وسلم» بعد ان جاءهم العلم بانه رسول الله الخاتم ، ووصف الكفر جلي وواضح في الآية :« ومن يكفر بآيات الله فان الله سريع الحساب».
ويقول الله تعالى في آل عمران :« نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ان الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيزٌ ذو إنتقام» والآية توضح نزول الكتابين « التوراة والانجيل» « من قبل» ، ثم أنزل اليه « الفرقان» المفرق بين الحق والباطل ليكون خاتماً للكتب ، والذين « يكفرون» به لهم عذاب شديد.ومعلوم ان اهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين عاصروا نبوة سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» ، قد كفروا به ، وبكتابه وبرسالته ومازالوا.يقول الله تعالى في سورة آل عمران وصفاً لليهود في المدينة الذين دعاهم الرسول «صلى الله عليه وسلم » الى الاسلام بعد معركة «بدر» فرفضوا وقالوا له « لا يغرنك انك قتلت نفراً من قريش اغماراً لا يعرفون القتال» .يقول الله تعالى :« قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم وبئس المهاد».اذن هم « كفار» ، وسيحشرون الى جهنم وبئس المهاد فكيف تتزوج المسلمة المؤمنة بكافر ثبت كفره في كتاب الله العزيز ؟
صحيح ان هناك «مسلمين» عصاة يرتكبون المعاصي ولكن هؤلاء لا يقعون تحت طائلة « الكفر» و«الشرك» كما زعم « الترابي» وليست هناك آية في كتاب الله تؤكد هذا المعنى التحريفي .. « ان الدين عند الله الاسلام ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين» صدق الله العظيم
<< Home