فتاوى الترابي الإعتذارية (3-3
فتاوى الترابي الإعتذارية (3-3)
الهندي عز الدين عمر
* بدا واضحاً أن الدكتور «الترابي» أراد بإطلاقه الفتاوى الأخيرة حول «إمامة المرأة في الصلاة» ، وزواج المسلمة من «الكتابي» ، وإباحة كشف شعر المرأة المسلمة بقوله : (الخمار مفروض على نساء المسلمين لتغطية صدورهن) ، أراد أن يقدم إعتذاراً للغرب الكافر عن عزائم (الإنقاذ) الأولى التي كان هو «شيخها» ، وإمامها ، ومنظِّر دولتها التي حكمت نحو عشر سنوات إنتهت بإنقسام الإسلاميين الشهير نهاية العام 1999م..* «الترابي» يطرح نفسه الآن إماماً للتجديد الذي يقبل الكافرين من أهل الغرب المسيحي واليهودي ويتصالح معهم ليس في إطار المصالح (الدنيوية) وحسب ، ولكن في إطار ملة واحدة هي (الملة الإبراهيمية) ..!! ويطمع منظِّر حركة الإسلام السياسي في السودان إلى دور قيادي بالتراضي مع الغرب في مواجهة تيارات التكفير ، والأصولية الجهادية في العالم الإسلامي والتي تطاردها أمريكا وأوربا في حرب ضروس إمتدَّت إلى كل العالم منذ وقوع أحداث «11 سبتمبر» 2001م في نيويورك وواشنطن .* يريد «الشيخ» أن يجمِّل وجهه في عيون الغرب على حساب ثوابت الدين وأصوله ...!!وإن كُنا قد أخذنا على بعض قادة (الإنقاذ) أنهم حاولوا الإنبطاح للغرب الكافر ممثلاً في الولايات المتحدة الامريكية (إنبطاحاً سياسياً محدوداً) واجهته المجموعة الأكبر في الحكم بالرفض والإباء فبقى (المؤتمر الوطني) - إلى يومنا هذا - هدفاً إستراتيجياً لمؤامرات أمريكا في السودان سعياً لإستئصال قادته ونفيهم عن الساحة السياسية في بلادنا ، إذا كنا نستهجن أية محاولة للإنبطاح السياسي المحدود ، فماذا نفعل في مواجهة محاولة الإنبطاح للغرب الكافر - على حساب الدين .. على حساب القرآن وسنة رسول الله (ص) ؟...* لقد علَّق أحد اليساريين السودانيين على حديث الشيخ «الترابي» لفضائية العربية حول حادثة محاولة إغتيال الرئيس المصري «مبارك» في أديس أبابا عام 1995م ، علَّق بعد أن إستمع عبر جهاز التلفاز لشهادة الترابي قائلاً : (إنها شهادة مُقزِّزَة) ...!! وكان الرجل مستاءاً - رغم عدائه لأهل الإنقاذ - من تصريحات الترابي ...!!ونحن نقول اليوم : (إنها براغماتية مُقزِّزَة) تلك الفتاوى التي لوى بها «الشيخ» عُنق الدين لصالح إعتذارية متأخرة : (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .. ولهذا يريد الترابي أن يجعل ملتنا وملتهم مِلةً واحدة - خلافاً لما أراد الله - الذي لو شاء (لآمن من في الأرض جميعاً) ..!* يقول الترابي في حديثه للأهرام المصرية : (أنا أؤمن بأصل الدين ، وكلنا فينا بقية من إيمان ، والمسلمون ليسوا على كل هذا الحق ، فهم يرضون أن يُحكم بما لم ينزِّل الله ، ممكن قيام جبهة تدين واحدة في مقابل جبهة أخرى لا تؤمن بالله حتى لا يسود التنطع في السياسة لإختلاف أديان الناس ، وقد تجد مسيحياً فيه بقية من تقوى أقرب إليك ممن ينتمي إلى الإسلام بإسمه وهويته) - إنتهى -* الآن جاء الترابي ليعتبر أن بعض المسيحيين أقرب إلينا من بعض المسلمين ليركب موجة (حوار الحضارات) الذي تديره الماسونية العالمية ...!! الترابي اليوم يناقض بل وينسخ ما قاله وكتبه في السابق رغم أنه - ومن معه - يقولون إنها أفكاره - الترابي - منذ ثلاثين عاماً ، لكن الناس لا يقرأون كما يزعم «المحبوب عبدالسلام» دائماً ....!!* لكننا نقرأ ، وسنفصَّل ذلك .. لقد ظل الترابي في غالب إصداراته ومحاضراته يصف من يسميهم اليوم (بأهل الكتاب) ، يصفهم (بالغرب الكافر) ، بل إن «الشيخ الترابي» بلغ درجةً إعتبر فيها «المسيحية» واليهودية من طائفة الأديان والعقائد (الوضعية) التي تداخلت عليها الأهواء وأيدي البشر ...!!* يقول د. الترابي في كتابه : (الإيمان وأثره في حياة الإنسان - ص 114) الآتي : (إن الديانات التي غلب عليها الوضع ، أو إنطبعت بأثر أهواء البشر إنحدرت إلى الغرور العنصري (اليهودية) ، أو الطائفة عند (الهندوسية) ، أو التفرقة اللونية في (المسيحية) ...!! إذن اليهودية والمسيحية ديانات غلب عليها «الوضع» وأهواء البشر ، والترابي هو الذي قال ، ولم أقل أنا ، فلماذا يريد شيخنا - اليوم - أن يزوِّج نساء المسلمين من رجال الديانات (الوضعية) ؟!! ما الذي جدَّ ؟....* ثم ينفي الترابي صلة المسيحية (الراهنة) برسولٍ أو وحي ، فيقول في ذات الكتاب ص (262) : (وإن كان الإنجيل بعهديه لم يثبت له سند متصل إلى رسول ، ولا يقطع له بالضبط اللفظي بعد ما إعتراه من الترجمة والرواية والتبديل) .* ويقول الترابي عن اليهودية في كتاب «الايمان» ص (226) : (لم يبق من دينهم - اليهود - إلاَّ إسمه ورسمه ، وحروفه ، وطقوسه) ...!!ثم يضيف في ذات الصفحة وذات الكتاب : (ولكن ما لبث الوضع والإبتداع بعد المسيح أن تلبس بالنصرانية ، فضاعت أصولها الصحيحة) .. ثم يقول : (وإنتقض مبدأ وحدة الحياة بإدعاء نسخ التوراة فإنبترت الشريعة من الدين وقامت الكنيسة لتدعي - من دون الله - أهلية القداسة والتشريع) ..* إذن هذه هي آراء الترابي منذ ثلاثنين عاماً في (المسيحية) و (اليهودية) ...!! غير أنه جاء اليوم ليلبس أهل الديانتين الوضعيتين - والوصف للترابي نفسه - لبوس (أهل الكتاب) ويجعلنا جميعاً مِلةً إبراهيمية واحدة ...!! نعم لقد كانوا «أهل كتاب» يا شيخنا قبل البعثة المحمدية ، ومن بعد ذلك صار (الدين عند الله الإسلام ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) .* لكن الترابي يجمِّل وجهه في عيون الغرب على حساب الدين ويقول لصحيفة الأهرام : (صحيح أنني تعلمتُ في الغرب ، وأنه يتحامل ضدي ، ورغم ذلك فإنني من المتفاعلين مع حضارته ، وضد المتخلِّفين في بلادنا) ..!!* تفاعل يا شيخنا - مع الغرب كما شئت ، ولكن ليس إلى درجة إباحة كشف شعر النساء ، وزواج المسلمة من الكافر ، وإمامة المرأة . تفاعل معهم ، ولكن قليلاً قليلاً .. ورأفةً بنا
<< Home